تابعني على الفيس بوك

ترجم المدونه

القران الكريم

احدث االمواضيع

شاركنا وتواصل معنا

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

الخميس، 17 أبريل 2014

غزوة ذي قرد

غــــــزوة ذي قـــــــرد

حمله الدفاع عن الرسول والاسلام

تبدأ فصول هذه الغزوة عندما أغار عيينة بن حصن الفزاري على إبل النبي صلى الله عليه وسلم بالغابة وقتل حارسها وخطف امرأة مع الإبل, ولكن المسلمون استطاعوا إدراك العدو وتخليص المرأة وبعض الإبل, فما هي تفاصيل هذه الغزوة؟ ومن كان أبطال غزوة ذي قرد؟
المكان: حدود المدينة النبوية
منذ أن اصطفى الله عز وجل رسوله الكريم صلي الله عليه وسلم من قريش ومضر وما زالت العصبية القبلية الجاهلية تشتعل في قلوب جفاة العرب وأعرابهم من ربيعة وغطفان وغيرهما من القبائل العربية التي كانت تأمل أن تنال هذا الشرف لفهمها الخاطئ للنبوة التي هي محض اصطفاء واختيار من الله عز وجل..
لذلك كانت هذه القبائل دائمة العداء والمجاهرة بالسوء للمسلمين ورسولهم وتكررت اعتداءاتهم على المسلمين وكانت هذه القبائل آخر العرب إسلامًا وهذه الغزوة صورة من صور العداء القبلي للمسلمين.
تبدأ فصول هذه الغزوة عندما أغار عيينة بن حصن الفزاري وهو الملقب بالأحمق المطاع في خيل من غطفان على حدود المدينة في منطقة يقال لها الغابة ترعى فيها إبل النبي صلي الله عليه وسلم فوجد بها ابن لأبي ذر الغفاري وامرأته وراعي الإبل فقتلوا الغفاري وأخذوا امرأته فرأى ذلك غلام لعبد الرحمن بن عوف فدخل المدينة مسرعًا ليخبر النبي وكان ذلك في وقت الغلس قبل أذان الفجر فكان أول من صادفه الصحابي سلمة بن الأكوع فأخبره بالأمر فقام سلمة بن الأكوع على جبل تجاه المدينة ونادى بأعلى صوته يا صباحاه ثلاث مرات فأسمع أهل المدينة كلهم ثم انطلق مسرعًا خلف العدو ومعه سيفه ونبله.
هذه الغزوة تعتبر كلها للصحابي الجليل سلمة بن الأكوع الذي يعتبر بحق أسد الأسود وانظر كيف كان فعل هذا الصحابي تجاه الأمر الواقع, انطلق سلمة وحده خلف العدو وهم بالمئات وهو وحده على قدميه, وكان أسرع العرب حتى أنه كان يسبق الخيل على قدميه, حتى وصل خلف العدو وارتجز قائلاً:
أنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
وأخذ يرميهم بالسهام فإذا أرادوا الرجوع إليه فر هاربًا بسرعة لا يدركه أحد, وإذا عادوا عاد ورائهم بسرعة يرميهم بالسهام, وصعد على ثنية جبل وهم يسقون إبلهم فرماهم بالحجارة فلقوا منه شدة ودخلهم خوف عظيم من هذا السبع الضاري حتى إنهم تخففوا من غنائمهم التي نهبوها فألقوا ثلاثين رمحًا وثلاثين بردة حتى أمضوا في الهرب وظنوا أنهم قد نجوا منه فجلسوا يستريحون وكان الوقت ضحى فإذا بالسبع يطلع عليهم من رأس جبل مرددًا ما قال من قبل:
خذها وأنا ابن الأكوع *** واليوم يوم الرضع
فارتاعوا لما رأوه وقال لهم عيينة بن حصن: "لولا أن هذا الرجل وراءه طلبًا ما ترككم, ليقم إليه نفر منكم", فقام إليه " أي سلمة" أربعة رجال فقال لهم ابن الأكوع: "أتعرفونني أنا ابن الأكوع والذي كرم وجه محمد لا يطلبني رجل منكم فيدركني ولا أطلبه فيفوتني", فخافوا منه ورجعوا عنه.
على الطرف الآخر عندما خرج سلمة في أهل المدينة سمع النبي صراخه فترامت الخيول إلى رسول الله فانتهى إليه ثمانية فرسان منهم المقداد وأبو قتادة والأخرم وغيرهم فأمر عليهم سعد بن زيد وأمرهم باللحاق بالعدو على أن يلحق بهم النبي صلي الله عليه وسلم مع باقي الناس فانطلقت كتيبة الفرسان وكان فيهم أبو عياش فقال له النبي صلي الله عليه وسلم: "يا أبا عياش لو أعطيت هذا الفرس رجلاً هو أفرس منك فلحق بالقوم" فقلت: يا رسول الله أنا أفرس الناس, فضرب أبو عياش الفرس فما جرى به سوى خمسين ذراعًا حتى طرحه..
فخرج الفرسان حتى تلاحقوا وأدركوا سلمة بن الأكوع وهو يرمي الناس بالنبل فكان أول الفرسان وصولاً للعدو الأخرم واسمه محرز بن نضلة وعلى أثره أبو قتادة فارس الرسول صلي الله عليه وسلم فأخذ سلمة بن الأكوع بزمام فرس الأخرم فقال له: "يا أخرم احذر القوم فإني أخاف أن يقتطعوك فائتد", أي انتظر, "حتى يلحق بك الناس", فقال أخرم: "يا سلمة إن كنت تؤمن بالله واليوم الآخر وتعلم أن الجنة حق والنار حق, فلا تحل بيني وبين الشهادة", فخليت فرسه فانطلق فلقيه حبيب بن عيينة فقتل الأخرم فمات عز وجل, وكان قبل ذلك بيوم قد رأى رؤيا أن السماء قد انفتحت حتى السماء السابعة, وقيل له: هذه منزلتك, فقصها على أبي بكر الصديق وكان أعبر الناس للرؤيا, فقال له: "يا أخرم تموت شهيدًا", لذلك قال ما قال لسلمة..
فلحق أبو قتادة بحبيب بن عيينة فقتله, وتلاحق الفرسان المسلمون فقتل عكاشة بن محصن أوبارًا وولده عمرًا بضربة رمح واحدة وهما على بعير واحد وتلاحق الناس مع النبي صلي الله عليه وسلم وانطلق أبو قتادة في مقدمة الناس فالتقى أبو قتادة مع مسعدة الفزاري وكان من قبل ذلك قد التقى أبو قتادة مع مسعدة في سوق المدينة وأبو قتادة يشتري فرسه هذا الذي يركب عليه فقال له مسعدة وهو مشرك: ما هذا الفرس, فقال أبو قتادة: "فرس أردت أن أربطها مع رسول الله صلي الله عليه وسلم", فقال مسعدة: "ما أهون قتلكم وأشد جرأتكم", فقال أبو قتادة: "أما إني أسأل الله عز وجل أن ألقينك وأنا عليها", قال مسعدة: " آمين", فالتقى أبو قتادة مع مسعدة, فقتله أبو قتادة بيديه ووضع عليه برده, حتى يعرف الناس أنه قتيله..
فلما تلاحق الناس ورأوه استرجعوا وظنوا أنه أبو قتادة, فقال الرسول: "ليس بأبي قتادة ولكنه قتيل لأبي قتادة ووضع عليه برده لتعرفوا أنه صاحبه", وتكامل الناس مع النبي ونزلوا على ذي قرد فمكثوا يومًا وليلة ثم عادوا, وجاء سلمة بن الأكوع, فقال للنبي: "يا رسول الله لو سرحتني في مائة رجل لاستنفذت بقية السرح وأخذت بأعناق القوم", فقال النبي: "ملكت فأسجح, إنهم الآن ليغبقون في غطفان", أي يتعشون, وعاد النبي مع القوم وقد قال في هذه المعركة وسام تكريم لبطلي المعركة: "خير فرساننا أبو قتادة وخير رجالتنا سلمة", وأعطى سلمة سهم الفارس والراجل جميعًا, وأردفه خلفه على بعيره عند الدخول للمدينة.

الاثنين، 14 أبريل 2014

فليتجنب الوجه

قوله - صلى الله عليه وسلم -: "إذَا قَاتَل أحَدكم أخَاه فَليَجتَنِبِ الوجهَ فإنّ الله خَلقَ آدمَ عَلىَ صورَتِه".

قال الشّيخ -وفّقه الله- هذا الحديث ثابت عِند أهل النقل. وقد رَوَاه بَعضهم: "أنّ الله خلق آدمَ على صورة الرَّحَمنِ" وَلاَ يثبت هذا عند أهل النقل. ولعله نَقْل من راويه بالمعنى الذي توهمه: وظنّ أنّ (الضمير عائد) على الله سبحانه فأظهره وقال على صورة الرحمن.
واعلم أن هذا الحديث غلِط فيه ابن قتيبة وأجراه على ظاهره (وقال: فإن الله سبحانه له صورة لا كالصور وأجرى الحديث على ظاهره) والذي قاله لا يخفى فساده لأن الصورة تفيد التركيب وكلّ مركبٍ محدث والباري سبحانه وتعالى ليس بمحدث فليس بمركب وما ليس بمركّب فليس بمصوّر. وهذا من جنس قول المبتدعة إن الباري عزّ وجلّ جسم لا كالأجسام لما رأوا أهل السنة يقولون: البارىء سبحانه شيء لا كالأشياء طردوا هذا فقالوا جسم لا كالأجسام وقال ابن قتيبة صورة لا كَالصّوَر.
والفَرق بَين مَا قلنَاه وَمَا قَالوه أن لفظة شيء لا تفيد الحدوث ولا تتضمن ما يقتضيه. وقولنا: جسم وصورَة يتضمَّنَان التأليف والتركيب وذلك دليل الحدوث. وعجبًا لابن قتيبة في قوله: صورة لا كالصّوَر، مع كون هذا الحديث يَقتضي ظاهره عنده خَلق آدم على صورته فقد صارت صورة الباري سبحانه على صورة آدم عليه السلام على ظاهر هذا على أصله فكيف يكون على صورة آدم ويقول: إنها لا كالصوّر. هذا تناقض. ويقال له أيضا: إن أردت بقولك صورة لا كالصور أنّه ليس بمؤلف ولا مركب فليس بصورة على الحقيقة وأنت مثبت تَسمِيَةً تفيد في اللّغة معنى مستحِيلاً عليه تعالى مع نفي ذلك المعنى فَلم تعط اللفظ حقّه وَلمَ تجرِه على ظاهره فإذا سلمت أنه ليس على ظاهره فقد وافقت على افتقاره إلى التَّأَويل. وهذا الذي نقول به فإذا ثَبَت افتقاره إلى التأويل قلنا اختلف الناس في تأويله فمنهم من أعاد الضمير إلى المَضروب وذكر أن في بعض طرق الحديت أنه سمعه - صلى الله عليه وسلم - يقول: قبح الله وجهك ووجه من أشبهك أو نحو هذا فقال - صلى الله عليه وسلم - ما قال إما عَلىَ هذه الرواية وهي شتم من أشبهه فبينَّ وجه هذا التعليل لأنه إذا شتم من أشبهه فكأنّه شتم آدم وغيره من الأنبياء عليهم السلام وإنما ذكر الأول تنبيها عليه وعلى بنيه وأما على هذا الذي وقع في كتاب مسلم فيحتمل أن يكون تعبد الله سبحانه بتخصيص الوجه بهذه الكرامة لشبهه باَدم إجلالا لآدم - صلى الله عليه وسلم - ولا يبقى على هذا إلاّ أن يقال فيجب أن يجتنب ما سواه من الَأعضاء المشبهة لآدم. وجواب هذا: أنّه لاَ يبعد أن يكون الله سبحانه يتعبد بما شاء ولم يجعل هذه العلة جارية مطردة، وقد اختصَّ الوجه بأمور جليلة ليست في غيره من الأعضاء لأن فيه السمعَ والبصر، وبالبصر يُدرك العالمَ وُيرَى ما فيه (من العجائبَ الدّالة على عظم الله سبحانه، وبالسمع تُدرَك الأقوال، وتسمع أوامِر الرسول عليه السلام ونواهيه ويتعلم بهم سائر العلوم) التي منها معرفة الله عزّ وجلّ ومعرفة رسله عليهم السلام وفيه النطق الذي يتميز به عن البهائم ويشرف به الإنسان على سائر الحيوان ومثل هذا التميز لا يبعد أن يجعل سببا في تمييزه بهذا الحكم.
وقال آخرون: إن الضمير عائد على آدم نَفسِه. وَعورِض هؤلاء بأن هذا يجعل الكَلاَمَ غثا لغوا لا فائدة تحته وأي فائدة في قولك: خلق زيد على صورة نفسه والشجرة على صورتها نَفسِها. وهذا معلوم بالعقول ولا يفتقر إلى خبر منقول. وأجاب أصحاب هذا التأويل عن هذا الاعتراض بِأن الفائدة فِيه التّنبيه على من خالف الحق من أصحاب المذاهب كالطبائعين القائلين بأن تصوير آدم كان عن بعض تأثيرات النجوم أو العناصر أو غير ذلك مما يهَذون به فأكذبهم النبي - صلى الله عليه وسلم - وأخبر أنّ الله سبحانه خلق آدم على صورته أو أكذَب الدّهرية في قولهم: ليس ثم إنسان أول وإنما الإنسان من نطفةٍ ونطفة من إنسان هكذا أبدا إلى غير أول فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أن الله سبحانه اخترع صورة آدم ولم يكن مصورا عن أب ولاكائنا عن تناسل، أو يكون أكذب القدرية في قولهم: إن كثيرا من أعراض آدم وصفته خلق لآدم فأخبر النبيّ - صلى الله عليه وسلم - أنه مخلوق بجملة صورته، وهذا التأويل الذي ذهب إليه هؤلاء من إعادة الضمير إلى آدم بِنَفسِه إنما يحسن إذا روي لفظ النبي - صلى الله عليه وسلم - مَجرَّدا من السبَبِ مقتصرا منه عَلىَ قَوله: "إنَّ الله خَلَقَ آدَمَ على صورته" وأما ذكر السبب أو ذكر جميعِ مَا حَكَاه مسلِم عنه - صلى الله عليه وسلم - "إذا قَاتَل أحدكم أخاه فليجتنب الوجه فإن الله خلق آدم على صورته" فإنه لا يحسن صرف الضمير لآدَمَ لأنه ينفي أن يكون بين السَّبَب أو صَدرِ الكلام وآخره ارتباط ويصيرَ الكلام وما وقع في كتاب مسلم من معنى المتنافر. وقد روي أنه روي مختصرا مقتصرا فيه على ما قلناه فقال فيه بعض ائمّتنا هو من اختصار بعض الرواة.
وقال اَخرون فإن الضمير يعود إلى الله سبحانه ويكون له وجهان: أحدهما أن يراد بالصورة الصفة كما يقال: صورة فلان عند السلطان كذا بمعنى صِفَته كذا. ولما كان آدم عليه السلام امتاز بصفات من الكمال بتميزٍ بالعقل والنّطق عن البهائم وبالنبّوة عن سائر بَنِيه سوى النّبيئين منهم (وله فضائل اختصّ بها فكأنّه شبّهه من هذه الجهة باختصاص الله سبحانه) بالرفعة والجلال لا سيما وقد أمر الملائكة بالسجود له والسجود لا يكون إلاَّ لله وإن كانت الملائكة إنما سجدت له طاعة لله عزّ وجلّ. هذا المعنى ذكره بعض أصحابنا وفي التشبيهِ بُعْدٌ.
والوجه الثاني عند أصحاب هذا التّأويل أن تكون إضافة الصورة إضافةَ تشريفٍ واختصاصٍ كما قيل في الكعبةِ بيت الله وإن كانت البيوت كلّها لَه عزّ وجهه وكما قال تعالى {نَاقَةَ اللَّهِ} إلى غير ذلك مما وقع في الشريعة من أمثال هذا وقد تميَّز آدَم - صلى الله عليه وسلم - بِأن خلقه الله جلّت قدرته بيده ولم يقَلّبه في الأصلاب ولا درَّجه من حالٍ إلى حال فتكون الإضافة إضافة اختصاصٍ لهذا المعنى ولغيره.
وأما مَن صرّح بهذا الضمير وأخرجه الرحمن فإنه يردُّ من جهة النقل وأنه ضعيف عند المحدثين. واختلف أصحابنا في رده من جهة اللّسان فقال بعضهم: ما يحسن مثل هذا في الكلام لأنّ اللفظ الظاهر إذا افتتح به وأعيد ذكره فإنه إنما يعاد بالضمير ولهذا يقال: ضربَ زَيد عَبدَه، ولا يقال: ضَرَب زيد عَبدَ زيد ومرادهم بزيد الثاني زيدًا الأول قالوا فلو كان ما قالوه صحيحا لكانت العبارة عنه "خلق آدم على صورته" كما وقع في الطّرق الثابتة. وقال بعض أصحابنا: لا يستبعد هذا في اللِّسان وقد قال سبحانه وتعالى {يَوْمَ نَحْشُرُ الْمُتَّقِينَ إِلَى الرَّحْمَنِ وَفْدًا} ولم يقل يوم نحشر المتّقين إلينا، وقال بعض النحاة أيضا: من هذا أيضا قوله تعالى {فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلًا غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنَا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزًا} وأنشد في ذلك قول عدي بن زيد: [الخفيف]
لا أرَى الموت يسبق الموت شيء ... نغّص الموت ذا الغنى والفقيرا
وفي هذا كفاية.