تابعني على الفيس بوك

ترجم المدونه

القران الكريم

احدث االمواضيع

شاركنا وتواصل معنا

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

السبت، 11 يناير 2014

التعوذ من الفتن


حدثنا معاذ بن فضالة قال: حدثنا هشام عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه- قال: سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أحفوه بالمسألة، فصعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم المنبر فقال: ((لا تسألوني عن شيء إلا بينت لكم)) فجعلت أنظر يميناً وشمالاً فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجلٌ كان إذا لاحى يدعى إلى غير أبيه، فقال: يا نبي الله من أبي؟ فقال: ((أبوك حذافة)) ثم أنشأ عمر فقال: رضينا بالله رباً، وبالإسلام ديناً، وبمحمدٍ رسولاً، نعوذ بالله من الفتن، فقال النبي -صلى الله عليه وسلم-: ((ما رأيت في الخير والشر كاليوم قط، إنه صورت لي الجنة والنار حتى رأيتهما دون الحائط)) قال: فكان قتادة يذكر هذا الحديث عند هذه الآية: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَسْأَلُواْ عَنْ أَشْيَاء إِن تُبْدَ لَكُمْ تَسُؤْكُمْ} [(101) سورة المائدة].
وقال عباس النرسي: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا قتادة أن أنساً حدثهم أن النبي الله -صلى الله عليه وسلم- بهذا، وقال: كل رجل لافاً رأسه في ثوبه يبكي، وقال: عائذاً بالله من سوء الفتن، أو قال: أعوذ بالله من سوء الفتن.
وقال لي خليفة: حدثنا يزيد بن زريع قال: حدثنا سعيد ومعتمر عن أبيه عن قتادة أن أنساً حدثهم عن النبي -صلى الله عليه وسلم- بهذا، وقال: عائذاً بالله من شر الفتن.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "باب التعوذ من الفتن" وقد أمر المسلم أن يتعوذ من الفتن، فتن المحيا، ومن فتن الممات في كل صلاة، فيتعوذ بالله من أربع، وجمهور أهل العلم على أن ذلك مستحب، ويرى بعضهم أنه واجب، وقد أمر طاووس ابنه بإعادة الصلاة لما ترك هذا التعوذ بالله من أربع

يقول: "حدثنا معاذ بن فضالة -البصري- قال: حدثنا هشام" يعني الدستوائي "عن قتادة عن أنس -رضي الله عنه- قال: سألوا النبي -صلى الله عليه وسلم- حتى أحفوه" يعني ألحوا في السؤال "بالمسألة" يعني بالسؤال "فصعد النبي -صلى الله عليه وسلم- ذات يوم على المنبر" وفي رواية: "المنبر" فقال: ((لا تسألوني -يعني في هذا اليوم- عن شيء إلا بينت لكم)) يعني بما يوحيه الله إليه، وإلا فهو -عليه الصلاة والسلام- لا يعلم من الغيب شيء إلا ما أطلع عليه، قال أنس: "فجعلت أنظر" يعني إلى الصحابة "يميناً وشمالاً فإذا كل رجل لافٌ رأسه في ثوبه يبكي" لأنهم عرفوا من هذا أن النبي -عليه الصلاة والسلام- غضب، وتسببوا في غضبه -عليه الصلاة والسلام- حينما ألحفوا في المسألة، وألحوا وأحفوه، "فإذا كل رجل رأسه في ثوبه يبكي، فأنشأ رجلٌ -بدأ رجل هو عبد الله بن حذافة-كان إذا لاحى -خاصم أحد حصل نقاش بينه وبين أحد ونزاع وخصام- يدعى إلى غير أبيه".....

التعرب في الفتنة


حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع أنه دخل على الحجاج فقال: يا ابن الأكوع ارتددت على عقبيك تعربت؟ قال: لا، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذن لي في البدو.
وعن يزيد بن أبي عبيد قال: لما قتل عثمان بن عفان خرج سلمة بن الأكوع إلى الربذة وتزوج هناك امرأة وولدت له أولاداً فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليالٍ فنزل المدينة.
حدثنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يوشك أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال، ومواقع القطر، يفر بدينه من الفتن)).
يقول -رحمه الله تعالى-: "باب: التعرب في الفتنة"
قبل ذلك هذا سؤال يقول: في الدرس الماضي لم تعلقوا على جملة: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) هذا وقع في آخر الدرس بعد أن تأخرنا جداً، يقول: وتحدث البعض في ذلك.
الكلام واضح، "قلت: فما تأمرني؟" بعد أن قال: ((دعاةٌ على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)) قلتُ: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ((هم من جلدتنا)) يعني منا ((ويتكلمون بألسنتنا)) يعني بلغتنا، "قلتُ: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم))" إمامهم من ولاه الله أمرهم، لا بد من لزوم جماعة المسلمين وإمام المسلمين، ولا يجوز الخروج عليه إلا إذا رئي الكفر البواح، على ما علقت عليه النصوص، إذا رئي الكفر البواح حينئذٍ ساغ الخروج، وأيضاً: ((لا ما صلوا)) ما داموا يصلون لا يسوغ الخروج عليهم بحال، ولو ارتكبوا ما ارتكبوا من ظلم، ما لم يرَ الكفر البواح، وعلى كل حال إذا ارتكبوا من ظلم أو إيثار على ما تقدم عليك أن تؤدي الذي عليك، وتسأل الله -جل وعلا- الذي لك، فمن ولي من أمر المسلمين عليه أن يعدل، وهو مطالب بنصوصٍ كثيرة بالعدل بين الرعية، وأطرهم على الحق، لكن إذا قصر في ذلك فعلى من تحت يده السمع والطاعة ما لم يرَ الكفر البواح.
هنا يقول: "باب: التعرب في الفتنة" التعرب: الإقامة في البادية مع الأعراب، التعرب: الإقامة في البادية مع الأعراب، في رواية أبي ذر: "التعزب" التعزب أو التغرب؟ نعم؟
طالب:.......
نعم فيه رواية: "التغرب" وهذه رواية أبي ذر، وفيه أيضاً: "التعزب" وهو البعد، عزب عن بالي، يعني بعد عن بالي، والتغرب من الغربة والاغتراب، والبعد عن مواطن المدن، فالمعاني متقاربة.
التعرب الإقامة في البادية مع الأعراب هذا ظاهر، وهذا أكثر الرواية عليه، التغرب والاغتراب، التغرب رواية أبي ذر، الغربة والاغتراب عن الوطن المأهول إلى مكانٍ خالٍ، وهذا في وقت الفتن، وأما التعزب فهو من البعد أيضاً مأخوذ، من عزب عن باله كذا، يعني بعد عن ذهنه، وما زالت هذه الكلمة مستعملة في سكنى البراري في أوقات الربيع، في أوقات العشب والكلى يقال: فلان عزب، أو آل فلان عزبوا، عازبين، فهي مستعملة، على كل حال أكثر الرواة على التعرب.
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "حدثنا قتيبة بن سعيد –البلخي- قال: حدثنا حاتم -بن إسماعيل- عن يزيد بن أبي عبيد -مولى سلمة بن الأكوع- عن سلمة بن الأكوع" هذا الحديث رباعي، الواسطة بين البخاري وبين يزيد بن أبي عبيد اثنان، وهو يروي عن يزيد بن أبي عبيد بواسطة واحد، المكي بن إبراهيم، وغالب ثلاثيات البخاري بهذا الإسناد، المكي بن إبراهيم عن يزيد بن أبي عبيد عن سلمة بن الأكوع، "أنه دخل على الحجاج" المقصود به ابن يوسف الثقفي لما ولي إمرة الحجاز بعد قتل ابن الزبير، سنة أربع وسبعين، "فقال -له-: يا ابن الأكوع ارتددت على عقبك" ارتددت على عقبيك: أي سكنت البادية تعربت؟ سكنت البادية بعد أن هاجرت إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- مخلصاً لوجهه تعالى، ولا شك أن التعرب بعد الهجرة مذموم، بل لا يجوز، من هاجر إلى النبي -عليه الصلاة والسلام- وترك وطنه أن يرجع إليه، ولذا لا يجوز الإقامة للمهاجرين بمكة بعد أن يؤدوا منسكهم أكثر من ثلاث، الحجاج يقول: "ارتددت على عقبيك تعربت؟ قال سلمة: لا، ولكن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أذن لي في البدو"، يعني في الإقامة معهم، أذن لي في الإقامة مع البادية، ولا شك أن هذا من جفاء الحجاج، من جفاء الحجاج يخاطب صحابي جليل بهذا الأسلوب، ارتددت يا ابن الأكوع "ارتددت على عقبيك تعربت؟" سلمة بن الأكوع أذن له النبي -عليه الصلاة والسلام- فهو مخصوص من النصوص.
"وعن يزيد بن أبي عبيد" بالسند السابق، يعني من طريق قتيبة بن سعيد، قال: حدثنا حاتم عن يزيد بن أبي عبيد، "قال: لما قتل عثمان خرج سلمة بن الأكوع -من المدينة- إلى الربذة" الربذة كلام أهل العلم فيها قديماً وحديثاً في تحديدها وموقعها متباين تباين كبير، منهم من يقول: موضع بين مكة والمدينة، واستفاض عند كثير من العلماء أنها الأحناكية هي الربذة، لكن الذي حققه من له عناية بالبلدان ثلاثة من الكبار الذين لهم عناية بالمواطن حققوا مكانها وحُدد، والآن هناك إشارات تدل على المكان، وخط يوصل إليها، في معجم الأمكنة الواردة في صحيح البخاري تكلم على موطنها، وذكر أنه ذهب إليه مع اثنين من الكبار، وحددوه بدقة من خلال ما كتب عنها من شعرٍ ونثر، فيراجع هذا المعجم.
"وتزوج هناك امرأة وولدت له أولاداً فلم يزل بها حتى قبل أن يموت بليال نزل المدينة"كم مكث في الربذة؟ أربعين سنة، نحو من أربعين سنة من مقتل عثمان -رضي الله عنه- إلى سنة أربعة وسبعين، يقرب من أربعين سنة.
ثم بعد هذا يقول: "حدثنا عبد الله بن يوسف" هنا التعرب مذموم في الأصل للمهاجرين، سلمة بن الأكوع أذن له، في الفتنة يأتي حديثها، هنا يقول: "حدثنا عبد الله بن يوسف -التنيسي- قال: أخبرنا مالك عن عبد الرحمن بن عبد الله بن أبي صعصعة عن أبيه" عبد الله بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة "عن أبي سعيد الخدري -رضي الله عنه- أنه قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: ((يوشك -بكسر الشين وفتحها لغةٌ رديئة أي يقرب- أن يكون خير مال المسلم غنم يتبع بها شعف الجبال -رؤوس الجبال- ومواقع-نزول- القطر -الذي هو المطر- يفر بدينه -يفر بسبب دينه- من الفتن)) هذا خير ما يقتنيه المسلم: غنم؛ لحاجته الضرورية إليها، لدرها ونسلها، هذا خير مال المسلم، خير ما يقتنيه المسلم في أيام الفتن، يخرج بها إلى الصحاري إلى القفار يتبع بها شعف رؤوس الجبال، يتتبع مواقع القطر، والسبب في ذلك يترك حياة الترف والدعة والإخلاد إلى الراحة إلى العراء، إلى حر الشمس، وشدة البرد، كل ذلك في سبيل حفاظه على دينه، فاراً بدينه خاشياً من الفتن، يخشى الفتنة على دينه، فدينك دينك، لحمك ودمك، هو رأس مالك، فإذا سلم الدين فالباقي مكسب، فإذا خشي الإنسان على دينه من أن يتعرض لنقصٍ أو ذهاب فالدين الدين، وما عدا ذلك من أمور الدنيا غير مأسوف عليه؛ لأن الدنيا كلها لا تزن عند الله جناح بعوضة، هذه الدنيا بما فيها وما عليها من حطام فاني، ولو رآه الناس شيئاً عظيماً، وتفاخر الناس به، وتقاتلوا من أجله فإنه لا يزن عند الله جناح بعوضة، من يدرك حقيقة هذا الأمر؟ سعيد بن المسيب لما خطبت ابنته للوليد بن عبد الملك ابن الخليفة الواسطة السفير الخطّيب يقول له: جاءتك الدنيا بحذافيرها، يقول سعيد: إذا كانت الدنيا لا تزن عند الله جناح بعوضة فماذا ترى يقص لي من هذا الجناح؟! ويش بيقص لسعيد بن المسيب من هذا الجناح؟ جاءتك الدنيا بحذافيرها، الدنيا كلها بحذافيرها لا تساوي جناح بعوضة، ويزوج هذه البنت التي طلبت لابن الخليفة يزوجها أحد طلابه فقير لا يجد شيئاً، والله المستعان، نعم.

كيف الأمر إذا لم تكن جماعة

حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا ابن جابر قال: حدثني بسر بن عبيد الله 
الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني أنه سمع حذيفة بن اليمان -رضي الله عنه- يقول: كان الناس 
يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير، وكنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني، فقلت: يا 
رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر، فجاءنا الله بهذا الخير، فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ((نعم)) قلت: 
وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم، وفيه دخن)) قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يهدون بغير هديي، تعرف 
منهم وتنكر)) قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم، دعاة على أبواب جهنم، من أجابهم إليها قذفوه 
فيها)) قلت: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ((هم من جلدتنا، ويتكلمون بألسنتنا)) قلت: فما تأمرني إن أدركني 
ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتزل تلك 
الفرق كلها، ولو أن تعض بأصل شجرة حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)).
يقول الإمام -رحمه الله تعالى-: "بابٌ: كيف الأمر" يعني كيف يكون الحال والشأن إذا لم توجد جماعة؟ إذا لم 
تكن جماعة مجتمعون على إمام كلمتهم واحدة؟ ماذا نصنع؟ الجواب في الحديث: كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟ 
البخاري -رحمه الله تعالى- يتفنن في التراجم، فتجده أحياناً يحذف جواب الشرط: "بابٌ: إذا التقى المسلمان 
بسيفيهما"، اكتفاءً بما يورده من الخبر الذي فيه الجواب، وأحياناً يورد الترجمة بالاستفهام "كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟"، إذا كان المسألة في حكم "بابٌ: ما حكم كذا" أو هل يجوز كذا؟ إذا أوردها فالغالب أنه حيثُ لم تكن الدلالة صريحة من الخبر على الترجمة، فعدم صراحتها أورد عنده هذا التردد، لكن هنا "كيف الأمر إذا لم تكن جماعة؟" هذا ليس فيه تردد، فالنص صريح في الجواب.
"حدثنا محمد بن المثنى -أبو موسى العنزي معروف- قال: حدثنا الوليد بن مسلم -عالم الشام- قال: حدثنا ابن جابر -عبد الرحمن بن زيد بن جابر- قال: حدثني بسر بن عبيد الله الحضرمي أنه سمع أبا إدريس الخولاني -أبا إدريس عائذ الله بن عبد الله من العباد المعروفين- أنه سمع حذيفة بن اليمان"، أبو إدريس هذا يلتبس كثيراً مع أبي مسلم الخولاني، وكلاهما من خولان، وكلاهما من أهل الزهد والورع والعبادة، هذا أبو إدريس عائذ الله بن عبد الله وأبو مسلم اسمه: عبد الله بن ثوب، "أنه سمع حذيفة بن اليمان يقول: كان الناس يسألون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الخير وكنت أسأله عن الشر"، الخير إذا أقبل وصل، لكن الشر..، الخير إذا أقبل وصل، واستفيد منه، لكن الشر إذا أقبل كيف يتقى؟ كيف يتقى؟ 
"كنت أسأله عن الشر مخافة أن يدركني" المراد بالشر هنا الفتن، حذيفة -رضي الله عنه- روى أحاديث الفتن كالمتخصص فيها، كان النبي -عليه الصلاة والسلام- يسأله عن هذه الفتن ليتقيها، ويحذر الناس من شرها، "مخافة أن يدركني"، يعني وقتها أو شرها، فقلت: يا رسول الله إنا كنا في جاهلية وشر من كفرٍ وقتلٍ ونهبٍ وارتكاب فواحش وغير ذلك، فجاءنا الله بهذا الخير، بهذا الدين الذي اجتمع فيه خير الدنيا والآخرة، "فهل بعد هذا الخير من شر؟ قال: ((نعم))"، والباب الذي يحول دون هذا الشر وهذه الفتن هو عمر -رضي الله عنه-، وقد كسر هذا الباب، ثم تلاه مقتل عثمان -رضي الله عن الجميع-، "قلت: وهل بعد ذلك الشر من خير؟ قال: ((نعم)) يأتي خير، ومن أظهر وجوهه ما حصل في عهد عمر بن عبد العزيز -رحمه الله-، "قال: ((نعم، وفيه دخن))" الدخن والدخان المراد به الكدر، يعني إذا وجد في الجو شيء من الدخن والدخان تكدر الجو، فكذلك ما اشتمل عليه هذا الخير الذي هو في الأصل خيرٌ محض، لكنه يدخل فيه شيء يكدره، "قلت: وما دخنه؟ قال: ((قوم يهدون بغير هديي -يستنون بغير سنتي- تعرف منهم وتنكر)) هم أهل خير، وأهل فضل وصلاح، لكن دخلهم إما من حرصهم زيادة الحرص على الخير أو من غفلتهم، دخل عليهم الدخن، فشابوا العبادة المشروعة بما أدخلوه عليها من البدع، فيهتدون بغير سنة النبي -عليه الصلاة والسلام-، تعرف منهم بعض الأعمال، وتنكر أيضاً البعض الآخر، "قلت: فهل بعد ذلك الخير من شر؟ قال: ((نعم، دعاة على أبواب جهنم)) نسأل الله السلامة والعافية، ((دعاة على أبواب جهنم)) وجدوا في المائة الثالثة دعوا الناس إلى البدع، وأشربوها قلوب بعض الولاة، فامتحنوا الناس فيها وآذوهم، آذوا الأئمة بسببها، دعاة على أبواب جهنم، نسأل الله السلامة والعافية، يدعون إلى هذه البدع، ويلزمون الناس بها.
وما زال الأمر كذلك البدع تزيد كل عصر بدع جديدة في كل عصر، وفي كل مصر إلى أن وجد ممن ينتسب إلى هذا الدين من لا يعرف من الدين شيء، ما يعرف من الدين إلا الاسم، ولو قرأت في تراجم المتصوفة أو غيرهم من طوائف البدع المغلظة لعرفت حقيقة هذا الكلام، يوجد في بعض كتب التراجم، يُترجم لولي –مزعوم- ولي من أولياء الله، وكان -رضي الله عنه- لم يسجد لله سجدة، ولم يصم في سبيل الله يوماً، ولا فعل ولا فعل، جميع الواجبات تاركها، ولم يترك محظور إلا ارتكبه -رضي الله عنه وأرضاه- يقولون، عاد واحد جاي معلق على الكتاب، يقول: إذا كان هذا -رضي الله عنه- فلعنة الله على من؟! دعاة على أبواب جهنم، وإذا مات مثل هذا شُيِّد على قبره ما يشيد، وعبد من دون الله، الضلال أيها الإخوان ما له حد، يعني إذا كان قبر شخص يعبد من دون الله على نطاق واسع في الأمة وهو الذي يقول:

ألا بذكر الله تزداد الذنوب ***وتنطمس البصائر والقلوب
والله -سبحانه وتعالى- يقول: {أَلاَ بِذِكْرِ اللّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ} [(28) سورة الرعد] ويعبد من دون الله.
((دعاة على أبواب جهنم)) وكتبهم الآن وقبل الآن من سنين تكتب بماء الذهب وتطبع على أفخر الورق وأجود أنواع الطباعة، ويتداولها المسلمون، وكأنها ورد يقرؤون فيها ليل نهار، ويتبركون بها، وإذا حصل لهم الملمات اكتفوا بإخراجها، دعاة على أبواب جهنم، وصل الأمر بهذه الأمة إلى هذا الحد، وافترقت الأمة على الفرق التي ذكرها النبي -عليه الصلاة والسلام-، وكلها في النار إلا واحدة.
"قال: ((نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها))" وكانت الوسيلة لترويج هذه البدع الدروس والمؤلفات وتناقل الطلاب الآن على أوسع نطاق، دعاة الشهوات، ودعاة الشبهات، وكلهم كل واحد منهم على باب من أبواب جهنم يدعو الناس إلى شهوة أو إلى شبهة على أوسع نطاق، وتدخل هذه الدعوات إلى البيوت، ويطلع عليها الصغار والكبار، الرجال والنساء والأطفال، والله المستعان، نسأل الله -جل وعلا- أن يقي المسلمين شر هذه الفتن.
((نعم، دعاة على أبواب جهنم من أجابهم إليها قذفوه فيها)) قلتُ: يا رسول الله صفهم لنا، قال: ((هم من جلدتنا -من أنفسنا من عشيرتنا من بيئتنا- ويتكلمون بألسنتنا)) بلغتنا يعني: ما جاؤوا من بعيد ليسوا بوافدين، "قلت: فما تأمرني إن أدركني ذلك؟ قال: ((تلزم جماعة المسلمين وإمامهم)) قلت: فإن لم يكن لهم جماعة ولا إمام؟ قال: ((فاعتزل تلك الفرق كلها)) إن لم يكن هناك إمام تعتزل هذه الفرق ((ولو أن تعض بأصل شجرة)) هذا كناية على أنك تخرج إلى مواطن الشجر من البراري والقفار أو المزارع المنزوية البعيدة عن الأنظار، وتعظ على أصل شجرة، يعني لا تتكلم، الزم نفسك، عليك بخويصة نفسك،((حتى يدركك الموت وأنت على ذلك)) لأنك إذا لم تستطع النفع في مثل هذه الظروف فلا أقل من أن تسلم بنفسك وتنجو بجلدك، لا يؤثروا عليك، لا تتأثر بأفعالهم ولا بأقوالهم، ولا تشارك في رؤية ومشاهدة هذه المنكرات، وتكثير السواد لأرباب المنكرات، انجُ بنفسك، ولو أن تعظ بأصل شجرة، حتى يدركك الموت وأنت على ذلك.
هذا سؤال يعني ما كان جوابه مناسب إلا لأنه موجود، وما كنا نتصور أن يوجد مثل هذا السؤال أو مثل هذا الصنيع لولا أنه من الفتن أيضاً، هذا يقول: هل تنصحنا بالأخذ من الشيخ عبد الله بن جبرين مع الرغم من اللمز الذي قيل فيه؟ ثم هل هو معتبر؟
مثل الشيخ يسأل عنه؟ نسأل الله العافية، هؤلاء الذين يلمزون مثل هؤلاء، هؤلاء قطاع الطريق بالنسبة للتحصيل الشرعي، هؤلاء الذين يحولون بين طلاب العلم وبين شيوخهم، يعني ينبري شخص نكرة يقول: فلان وعلان، يطعن بأئمة الإسلام، شيوخ المسلمين، إذا طعن الشيخ من يسلم لنا، فعلينا بالكبار أمثال هذا الشيخ الجليل الذي نذر نفسه ووقته منذ عقود لخدمة الدين والعلم الشرعي، والله المستعان.
اللهم صلِّ وسلم وبارك على نبيك ورسولك محمد.
الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم وبارك على عبده ورسوله، نبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
هذا اللقاء هو آخر اللقاءات الأربعة التي تم الإعلان عنها، ويبقى في الكتاب ما يستوعب ثلاثة دروس سوف تكمل -بإذن الله- في يوم السبت والأحد والثلاثاء بعد صلاة العصر مباشرة في مسجد أبا الخيل حي السلام، وسوف تبث على ما بثت عليه الدروس الأولى -إن شاء الله تعالى-، ونحن على علم أن الأيام أيام امتحانات ولهذا السبب صار النقص ظاهر في هذا اليوم، لكن هي سوف تسجل -إن شاء الله-، والراية يتولون تسجيلها -إن شاء الله- وسوف تخرج قريباً، من لم يتمكن من الحضور ولا المتابعة بالإنترنت أو غيره يجدها -إن شاء الله- مسجلة، والله المستعان.