تابعني على الفيس بوك

ترجم المدونه

القران الكريم

احدث االمواضيع

شاركنا وتواصل معنا

twitterfacebookgoogle pluslinkedinrss feedemail

الخميس، 9 مايو 2013

شدت أبا سفيان من شاربه



هند بنت عتبة

امرأة ملكت أمرها
المرأة التى شدت أبا سفيان من شاربه
هند بنت عتبة
امرأة ملكت أمرها 
قالت هند لأبيها :
" إنى امرأة قد ملكت أمرى ، فلا تزوجنى رجلاً حتى تعرضه على ..
قال : ذلك لك 
ثم قال لها يوماً : 
إنه قد خطبك رجلان من قومك ، ولست مسمياً لك واحداً منهما حتى أصفه ..
أما الأول : ففى الشرف الصميم .. والحسب الكريم تخالين به هوجاً من غفلته ، وذلك إسجاح() من شيمته حسن الصحابة ، وحسن الإجابة إن تابعته ، وإن ملت كان معك ، تقضين عليه فى ماله (كريم) وتكتفين برأيك فى ضعفه …
أما الأخر : ففى الحسب الحسيب ، والرأى الأريب 
بدر أرومته .. 
وعز عشيرته .. 
يؤدب أهله ولا يؤدبونه …
إن اتبعوه أسهل بهم … 
وإن جانبوه توعَّر بهم  … 
شديد الغيرة … 
سريع الطيرة … 
شديد حجاب القبة  … 
إن جاع فغير منزور .. 
وإن نوزع فغير مقهور …
قد بينت لك حالهما .. 
قالت هند : 
أما الأول : فمضياع لكريمته .. مؤات لها فيما عسى إن  لم تُعصم أن تلين بعد إبائها .. وتضيع تحت جنائها ..
إن جاءت له بولد أحمقت .. 
وإن أنجبت فعن خطأ ما أنجبت ..
أما الآخر : فبعل الحرّة الكريمة … 
إنى لأخلاق هذا لوامقة – محبة- .. 
وإنى له لموافقة .. 
وإنى لآخذه بأدب البعل مع لزوم قبتى ، وقلة تلفتى وإن السليل 
 –الولد- بينى وبينه لحرى أن يكون المدافع عن حريم عشيرته الذائد عن كتيبتها .. المحامى عن حقيقتها .. الزائن لأرومتها غير مواكل ولا زميل - ضعيف - عند ضعضعة الحوادث ..
فمن هو ؟!
قال : ذاك أبو سفيان بن حرب 
قالت : فزوجه …
ولا تلقنى إليه إلقاء المتسلسل السلس 
ولا تسُمْه سوم المواطس الضَّرِسْ (لاترهقه)
استخر الله فى السماء ، يخر لك بعلمه فى القضاء
هذه هى هند بنت عتبة ."
صاحبة الشخصية القوية التى طلبت من أبيها عتبة ألا يزوجها إلا بعد أن يعرض عليها الزوج ويأخذ رأيها فيه …
أما الزوج الأول فقد استبعدته ورفضته لأنه رغم كرمه وحسن صحابته وكرم أصله إلا أنه ضعيف الشخصية … 
إذ أن موافقة الزوجة فى جميع الحالات قد يؤدى إلى انحرافها إن لم تعصم ..
أما الزوج الآخر فقد أعجبت باخلاقه لأنه قوى الشخصية يؤدب أهله رغم أنها ملازمة للأدب وحسن الخلق لأن ذريتها منه ستكون غيورة على عشيرتها فالرجل القوى يزين أصلها وحسبها فلا يكون خاملاً ولا إمعة عند وقوع النائبات …
ولاشك أن هند ورثت عن أبيها كثيراً من الصفات مثل الشجاعة والحكمة والرأى . 
فقد كان عتبة بن ربيعة هو مصدر فخرها وهو الذى أخذت عنه مقومات شخصيتها 
فمن هو عتبة وما هو موقفه من الإسلام ورسوله :
هو عتبة بن ربيعة بن عبد شمس . 
كنيته أبو الوليد ..
كان من القرشيين الذين يطعمون الحاج فى كل موسم ..
عرض على قومه أن يلتقى بمحمد ويحاوره ويعرض عليه أموراً لعله يقبل بعضها .. 
وحين التقى بالرسول صلى الله عليه وسلم قال له : 
يا ابن أخى .. 
" إنك منا حيث قد علمت من الشرف فى العشيرة والمكان فى النسب 
" وإنك قد أتيت قومك بأمر عظيم فرقت به جماعتهم ..
وسفهت  به أحلامهم ورميت به ألهتهم ودينهم ، 
وكفرت به مَن مضى من آبائهم .
فاسمع منى أعرض عليك أموراً تنظر فيها . 
قال له الرسول : 
قل يا أبا الوليد ..
قال عتبة : يا ابن أخى .. 
إن كنت تريد بما جئت به من هذا الأمر مالاً جمعناً لك من أمولنا جتى تكون أكثرنا مالاً …
وإن كنت تريد به شرفاً .. 
سودناك علينا حتى لا نقطع أمراً دونك .
وإن كنت تريد ملكاً .. 
ملكناك علينا .
وإن كان هذا الذى يأتيك رئيا تراه لا تستطيع رده عن نفسك ..
طلبنا لك الطب وبذلنا فيه أموالنا حتى نبرئك منه .
فإنه ربما غلب التابع على الرجل حتى يداوى منه .
قال الرسول صلى الله عليه وسلم . أو قد فرغت يا أبا الوليد ؟ 
قال : نعم قال : فاسمع منى 
وأخذ الرسول فى تلاوة سورة السجدة 
 بسم الله الرحمن الرحيم 
" الم(1) تنزيل الكتاب لا ريب فيه من رب العالمين(2) أم يقولون افتراهج بل هو الحق من ربك لتنذر قوماً ما آتاهم من نذير من قلبك لعلهم يهتدون(3) " 
وعاد عتبة إلى قريش مأخوذاً بروعة ما سمع 
وعرض على قريش رأيه وكان رأيه هذا : 
أن تترك قريش محمداً  للعرب .. 
" فإن تغلبت العرب على محمد استراحت قريش ..
وإن اتبعته العرب كان لقريش فخاره 
وكان الرسول عليه الصلاة والسلام يود لو أن قريش أخذت بهذا الرأى … وتركته للعرب .
ولم يعجب بهذا الرأى قريشاً وقالوا لعتبة : 
سحرك محمد بلسانه يا أبا الوليد .. 
إن عتبة رجل ذو فكر وحكمة ولكنه لم يذق من حلاوة الإيمان ما يدفعه إلى التمسك برأيه ضد قريش ..
فخرج مع المشركين فى غزوة  بدر الكبرى هو وأخوه شيبة وقال الرسول صلى الله عليه وسلم حين رآه على جمل أحمر : 
" إن يكن فى أحد من القوم خير 
ففى صاحب الجمل الأحمر …
إن يطيعوه يرشدوا ..
عتبة يبذل محاولة أخرى : 
وقف عتبة قبل بدء المعركة فى قومه خطيباً يقول 
" يا معشر قريش …
إنكم والله ما تصنعون بأن تلقوا محمداً وأصحابه شيئاً 
والله لئن أصبتموه .. لا يزال الرجل ينظر فى وجه 
رجل يكره النظر إليه …
قتل ابن عمه أو ابن خاله أو رجلاً من عشيرته 
فارجعوا .. وخلوا بين محمد وسائر العرب .. 
فإن أصابوه .. فذلك الذى أردتم .. 
وإن كان غير ذلك .. لم نتعرض منه لما تكرهون 
وكاد الناس أن يرجعوا .. 
لولا تحريض أبى جهل الذى  اتهم عتبة بالجبن 
هذا الإتهام الذى أثاره وأفقده الحكمة والتريث ودفعه إلى دخول الحرب بين أخيه شيبة وابنه الوليد وطلب المبارزة ، فخرج له من صفوف المسلمين : عبيدة بن الحارث ، وعلى بن أبى طالب ، وحمزة بن عبد المطلب . 
وتضارب عبيدة بن الحارث وعتبة بن ربيعة وأصاب كل منهما الآخر بجرح لم يقم منه وبعد أن قتل حمزة شيبة ، وقتل علىَّ الوليد بن عتبة كرَّ كل منهما على عتبة فقتلاه واحتملا عبيدة بن الحارث . 
حزن أبى حذيفة على مقتل أبيه عتبة 
كان أبو حذيفة بن عتبة مسلماً يقاتل  فى صفوف المسلمين يوم بدر وحين رأى أباه عتبة صريعاً فى بدر يُسحب إلى " القليب " مع المشركين تغير لونه … ولاحظ رسول الله صلى الله عليه وسلم ذلك فقال له : 
يا أبا حذيفة : لعلك قد دخلك فى شأن أبيك شئ ؟
فقال أبو حذيفة : لا والله يا رسول الله  … 
لكنى كنت أعرف من أبى رأياً وحلماً وفضلاً .. 
فكنت أرجو ان يهديه الله إلى الإسلام .. 
فلما رأيت ما أصابه ذكرت ما مات عليه من الكفر .
بعد الذى كنت أرجو له ، فأحزننى ذلك .
أردنا أن نذكر شيئاً عن أسرة هند خاصة عن أبيها عتبة حتى نتعرف على صفاتها والتى ساهم أبوها – بلاشك فى تكوينها .. 
صفات هند بنت عتبة : 
طبقاً لما دار بينها وبين أبيها من حوار يمكن أن نتلمس بعض هذه الصفات :
 الأعتداد بالنفس فهى ترى أنها صاحبة الرأى فى الزواج. 
 لا تهاب الحوار مع من هو أكبر منها سناً وحكمة وقوة .
 لا تكتفى فى إبداء رأيها بمجرد الموافقة أو الرفض .
 تقدم الدليل على صواب رأيها .
 لا تحب الزوج الضعيف الذى يتركها لتفعل ما تشاء والذى  تستغنى برأيها عن رأيه .
 تؤمن أن للرجل دوراً وللمرأة دوراً فى قيادة الأسرة .
 تسمح لنفسها بالحرية الملتزمة بالخلق العربى الكريم .
 ترى أن الزوج القوى يعصم المرأة من احتمال الزلل رغم أنها حريصة على عرضها وكرامتها لا تفرط فيهما.
 ليس الزواج فى رأيها لمجرد المتعة .. بل يجب الحرص فيه على أن يجمع الأبناء بين صفات الأب والأم فى الشجاعة والطموح والسيادة ..
تتنكر كرجل – وتحمش الرجال فى الحرب لكن إذا تيقنت أنها ستقتل .. تكشف عن نفسها وتولول كامرأة للنجاة من الموت. 
تتماسك فى النائبات حتى لا تعطى فرصة لشماتة الأعداء .
تصر على أخذ ثأرها بالطريقة التى تقدر عليها.
تحب الفخر كزوجها أبى سفيان ، وينطبق عليها المثل " وافق شنُّ طبقه " .
تحب التظاهر … ولا يمنعها التخفى خلف نقاب من الإعلان عن نفسها بأسلوبها المتميز ! 
ترى ممالأة السلطان الذى لا تقدر عليه … وتنصح أبناءها بموافقته دون اعتراض للوصول إلى مزيد من الجاه والسلطان.
وجميع مواقفها تندرج تحت صفة من هذه الصفات السابقة فهى المرأة التى وقفت من بين النساء عند أخذ البيعة عليهن لتناقش الرسول عليه الصلاة والسلام .
قال فيما قال : أبايعكن على ألا تزنين ..
قالت هند : وهل تزنى الحرة يا رسول الله ؟ 
فهى تستنكر هذا الفعل من المرأة لأنه يتنافى مع الأخلاق حتى قبل الإسلام .. وهى  بهذا القول  تعيد إلى أذهان  الجميع قصة عُرفت عنها.. وكانت هى بطلتها .. حين زوجت بالفاكه بن المغيرة المخزومى 
نذكر هذا القصة لأنها تمثل الكثير من صفاتها المنوه عنها فيما سبق: 
كان للفاكه بن المغيرة بيت يرتاده الأضياف  بلا أذن … 
وذات يوم خلا البيت إلا من هند وزوجها الفاكه .. 
فاضطجعا  ونهض الفاكه لبعض حاجته ..ودخل رجل للضيافة.. ولما رأى هنداً .. رجع مسرعاً كما لو كان هارباً ..
وأبصره الفاكه .. وشك فى الأمر ..
فركلها برجله .. ولم يصدق أنها لم ترَ أحداً يدخل عليها 
وقال لها : إلحقى ببيت أمك ! 
وتناقل الناس ما حدث .. 
قال لها أبوها عتبة : 
يا بنية ، إن الناس قد أكثروا فيك .. فأنبئينى بنبئك فإن يكن الرجل صادقاً .. دسست عليه من يقتله .. فتنقطع عنك المقالة .. 
وإن يك كاذباً حاكمته إلى بعض كهان اليمن !
قالت : لا والله .. ما هو علىَّ  بصادق 
قال عتبة للفاكه :
إنك رميت ابنتى بأمر عظيم ، فحاكمنى إلى بعض كهان اليمن وخرج الفاكه فى جماعة من بنى مخزوم.
وخرج عتبة فى جماعة من عبد مناف ومعهم نسوة وهند فلما اقتربوا من الكاهن ، وقالوا : غداً نرد عليه .. 
اضطربت هند ! ولاحظ عتبة اضطرابها .. 
فعاود التأكيد عليها – 
قالت له : لا والله يا أبتاه ما ذاك لمكروه ..
ولكنى أعرف أنكم تأتون بشراً يخطئ ويصيب .. ولا آمنه أن يصمنى وصمة تكون علىَّ سُبَّهَ .
قال لها أبوها : إنى سوف أختبره .
فوضع فى إحليل فرسه حبة قمح .. وأوكأ عليها بسير ..
ولما أصبحوا قدموا على الرجل فأكرهم ونحر لهم ..
قال له عتبة : جئناك فى أمر .. 
وقد خبأت لك خبأً اختبرك به .. فأنظر ما هو ؟ 
قال الرجل : ثمرة فى كمرة .
قال عتبة : إنى أريد أوضح من ذلك .
قال الرجل : حبة بُرٍّ فى إحليل مهر ..
قال عتبة : صدقت .. 
أنظر  فى أمر هؤلاء النسوة ..
فجعل الرجل يدنو من إحداهن فيضرب بيده على كتفها 
ويقول : انهضى 
حتى دنى من هند فقال لها : 
انهضى غير زانية ..
ولتلدن ملكاً يقال له معاوية ..
لقد ثبتت براءتها إذن .. 
نهض إليها الفاكه فأخذ بيدها ..
لكن هند الحرة التى وترفض الصفح عمن يسئ إلى شرفها دفعت يده من يدها وقالت له : 
إليك عنى … فو الله إنى لأحرص أن يكون ذلك من غيرك ..
إنها وقد عرفت خلقه ترفض أن تنجب منه .. 
كما قالت لأبيها بعد ذلك " إن جاءت له بولد أحمقت ، 
وإن انجبت فعن خطأ ما أنجبت " 
قصة تتضمن – الشجاعة – التمسك بالشرف .. عدم نسيان الإساءة اختيار الزوج .. التطلع إلى نجل تتوافر فيه صفات السيادة ..
المصارحة بأن الفاكه لم يعد كفئاً لها ..
ولعل هذه الصفات مع غيرها هى التى كانت تدفع معاوية بن أبى سفيان إلى أن يفخر  بها فيقول : 
" أنا ابن هند "
إسلامها : 
رغم هذه الصفات .. فإنها  لم تسلم إلا فى اليوم الثانى  لفتح مكة بعد إسلام زوجها أبى سفيان .. وأقرها الرسول على نكاحها وكان لها فى الإسلام ليلة واحدة ..
أسباب التخلف عن الإسلام : 
يعجب المرء حين يرى أناساً يتمتعون بالذكاء والدهاء يسرفون فى الخصومة والعداوة للإسلام … ورسوله ومبادئه العادلة السامية . 
لماذا لم يدفعهم الذكاء والدهاء إلى المسارعة إلى الإسلام ؟ 
يقدم لنا بعضهم الإجابة الصريحة عن هذا السؤال : 
" استمع أبو سفيان وأبو جهل والأخنس إلى القرآن ثلاث ليال متتابعة .. 
ذهب الأخنس إلى أبى جهل فى بيته .. 
وسأله : يا أبا الحكم .. ما رأيك فيما سمعنا من محمد وردَّ أبو جهل بصراحة لا مواربة فيها : ماذا سمعت ؟!
تنازعاً نحن وبنو عبد مناف الشرف ..
أطعموا ..فأطعمنا ، وحملوا … فحملنا.. 
وأعطوا .. فأعطينا ..
حتى إذا تحاذينا الركب .. 
وكنا كفرسى رهان .. قالوا : منا نبى  
يأتيه الوحى من السماء .. 
فمتى ندرك مثل هذه ؟! 
والله لا نؤمن به أبداً ولا نصدقه " 
أى أنهم أغلقوا جميع النوافذ التى تنفذ منها أنوار هذه الدعوة الإسلامية إلى قلوبهم بسبب استحالة اللحاق ببنى عبد مناف فى شرف النبوة الذى يتنزل من السماء .. 
ولا مجال للتنافس عليه فى الأرض وهو نفس المعنى الذى أفصح عنه أبو سفيان : 
سأله الرسول : أقاتلتنى وأنت تعلم أنى رسول الله 
أجاب أبو سفيان : 
علمت أنك صدوق لا تكذب ..
وإنما قاتلناك لأنك تعلم حالى فى قريش ..
وجئت أمراً لا يبقى معه شرف . 
فقاتلناك حمية .. وكراهة أن يذهب شرفى ..
إنه حب الجاه والشرف والسلطان ..
ولعل هذا هو ما كانت تحس به " هند " وهى تعادى الرسول قبل أن يكون بينهما قتال :
خرج أبو سفيان إلى بادية له مردفاً "هنداً" وخرج معاوية يسير أمامهما وهو غلام على حمارة له ..
يقول معاوية : سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال أبو سفيان : انزل يا معاوية حتى يركب محمد ..
 فنزلت عن الحمارة وركبها رسول الله صلى الله عليه وسلم … 
فسار أمامنا هنيهة ثم التفت إلينا فقال :-
" يا أبا سفيان بن حرب ، ويا هند بنت عتبة .. 
والله لتموتن ثم لتبعثن ثم ليدخلن المحسن الجنة والمسئ النار
وأنا أقول لكم بحق وإنكم لأول من أُنذرتم .. 
ثم قرأ من أول سورة فصلت حتى بلغ : " أتينا طائعين " 
" ثم استوى إلى السماء وهى دخان فقال لها وللأرض "
" ائتيا طوعاً أو كرها قالتا أتينا طائعين . " فصلت 41/11
فقال له أبو سفيان : أفرغت يا محمد ؟ 
قال نعم . ونزل عن الحمارة وركبتها ..
وأقبلت هند على أبى سفيان فقالت : 
ألهذا الساحر أنزلت ابنى ؟!
قال : " لا والله – ما هو بساحر ولا كذاب " !
وهكذا نرى أبا سفيان صادقاً مع نفسه حتى فيما بينه وبين زوجه وابنه 
ونرى أن هند حاولت أن تخدع نفسها بادئ الأمر بقولها " هذا الساحر "! 
ولكنها فى الحقيقة لم تكن تؤمن أو تصدق بهذه المقالة الصادرة عنها بدليل أنها لم تعقب على رأى زوجها برأى مخالف حين أقسم لها قائلاً : 
" لا والله ما هو بساحر ولا كذاب " ! 
فأبو سفيان نفى عن محمد صفة الساحر التى وصفته بها هند وأضاف صفة أخرى : ولا كذاب 
وهذا يعنى إقراره بنبوة محمد .. 
ويعنى أيضاً إقرار زوجته هند بنبوته إقرار ضمنياً بعدم نفيها أو اعتراضها على ما وصفه به أبو سفيان .. 
وليست  هند بالمرأة الضعيفة التى تصمت جبناً .. وليست بالعيية التى تصمت عجزاً ..
هند امرأة جسور : 
وهى كما عددنا صفاتها من قبل .. المرأة المالكة لأمرها الطامحة للسلطان والجاه لنفسها .. ولزوجها .. ولذريتها .. 
هند التى يأخذ رأيها أشراف قريش وكبارهم ويطلبون منها النصرة لمعرفتهم بشخصيتها القوية . 
التقى بها أبو لهب بعد أن فارق قومه وظاهر عليهم قريشاً مع أنه عم محمد صلى الله عليه وسلم .
فقال لها : " يا بنت عتبة .. هلا نصرت اللات والعزى وفارقت من فارقهما وظاهر عليهما ؟ 
قالت هند : نعم 
قال : أبو لهب : فجزاك الله خيراً 
فهو لم يكتف بمناصرة أبى سفيان زوجها ولكنه طلب مناصرتها هى..
كما أن موقفها من أبى سفيان يوم الفتح .. وشده من شاربه يؤيد ما نقول به … وسنعرض له فى حينه . 
ولعل من أشد المواقف التى تظهر قدرتها على التحمل والتصبر أن نساء قريش مكثن شهراً كاملاً ينحن على قتلى بدر .. جززن شعر رؤوسهن.. وكان يؤتى بفرس القتيل أو راحلته فينحن ويلطمن خدودهن حولها … إلا هند بنت عتبة ..
قالت النسوة لها : 
ألا تبكين على أبيك .. وأخيك .. وعمك ؟! وأهل بيتك ؟!
قالت : " أنا أبكيهم فيبلغ ذلك محمداً وأصحابه .. فيشمتوا بنا ، ويشمت بنا نساء الخزرج ؟!
لا والله حتى أثأر من محمد وأصحابه ..
والطَّيب علىَّ حرام حتى نغزوا محمداً !
والله لو أعلم أن الحزن يذهب من قلبى لبكيت ولكنه لا يذهب إلا أن أرى ثأرى بعينى من قتلة الأحبة "!
وظلت لا تقرب الطيب ولا فراش أبى سفيان وتُحرض الناس حتى كانت وقعة "أحد" ..
هند والثأر 
خرجت نساء قريش وعلى رأسهن هند تندلع نار الثأر والحقد فى قلبها فقامت فى النسوة اللائى معها ورفعن الدفوف يضربن بها خلف الرجال ويحرضنهم على الثأر ، وكانت هند تنشد على وقع الدفوف الثائرة 
ويهاً بنى عبد الدار .. 
ويهاً حماة الأديار …
ضرباً بكل بتار .. 
وتنشد مغرية الرجال بالأقدام محذرة من الأدبار 
ففى الإقدام عناق .. وفى الأدبار فراق 
إن تقبلوا نعانق .. ونفرش النمارق 
أو تدبروا نفارق  .. فراق غير وامق 
واضح أن هذه الأشعار لا تتحدث عن عقيدة تملأ القلوب ، فمن ينتصر ويعود حيا إلى زوجه سيجد الفرش ممهدةً .. والعناق فى انتظاره ... وأما المهزوم فسيجد الزوجة مفارقه له بلا رغبة فى اللقاء الذى يريده .
المسألة كلها إذن تدور حول المتعة المؤقتة ..
وإلا فالحزن للجميع  .. لمن قتل فى الحرب ..
ولزوجه التى تركها خلفه بعد موته بلا رجاء لأى منهم فى حياة أخرى سعيدة ..
هذه المعانى تدل على انهم كانوا يقاتلون على متعه تتعلق بالجنس أو الجاه أو السلطان .. ولا شىء غير ذلك.. 
الثأر من حمزة مقتولا 
دارة الدائرة على المسلمين فى أحد .. وكان حمزة أحد القتلى .. فأسرعت للتمثيل به .. وعلت صخرة مشرفة وصرخت قائلة 
نحن جزيــناكم بيوم بدر .. الحرب بعد الحرب ذات سعر 
ما كان عن عتبة لى من صبر .. ولا أخى وعمـــه  وبكرى        
شفيت نفسى وقضيت نذرى ..   شفيت وحشىّ غليل صدرى 
فشكر وحشى علىّ عمرى .. حتى ترم أعظمى فى  قبرى 
ويرى البعض أن قسوة قلب هند وحلم أبيها يمنعانها من أن تبقر بطن حمزة وتستخرج الكبد وتحاول أن تلوكها فلا تسفيها وينكر أنها أعطت خلخالها لها وقلائدها وقرطتها وحشياً .
ولكنا . والله تعالى اعلم .. لا نستبعد هذا فهى ذات طبيعة قوية حادة .. كبتت أحزانها على قتلى بدر خوف الشماتة .. ورفضت الطيب لنفسها  أو لزوجها حتى تثأر لأبيها وعمها وأخيها فما الذى يمنعها أن تنفجر بعد هذا الكبت الطويل خاصة وأنها تحب الظهور بشىء يميزها عن غيرها من النساء ، ولا تجد موقفا انسب من هذا لتظهر فيه غلها ،  وتخلد به أخذها بثأرها إنها لم تقتل حمزة بيدها فليس أمامها إلا ان تفعل به ما يحلو لها بعد استشهاده .
كما أن أبا سفيان يكاد يشير إليها حينما قال للمسلمين :
" إنه قد كان فى قتلاكم مثلة
والله ما رضيت ولا سخطت 
وما نهيت .. وما أمرت . " 
فمن غير هند يفعل هذا الذى نسب إليها والذى أشار إليه أبو سفيان بهذا التعبير العجيب ! 
ولكنه أغضب رسول الله صلى الله عليه وسلم حينما وقف على حمزة ورأى ما فعل به فقال : 
" لن أصاب بمثلك أبداً .. 
" ما وقفت موقفاً قط أغيظ إلى من هذا " 
ثم قال والله لئن أظهرنا الله عليهم يوماً من الدهر لأمثلن بهم مثلة لم يمثلها أحد من العرب .. !
فنزل قول الله تعالى : 
" وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به
ولئن صبرتم لهو خير للصابرين واصبر …"
يضاف إلى ما سبق … أن نتأمل فى السؤال الآتى : 
لماذا وضع الرسول صلى الله عليه وسلم اسمها فى قائمة من يجب قتلهم يوم الفتح ولو تعلقوا بأستار الكعبة ؟ 
إن لم تكن لها صلة بما فعل بحمزة فمن تكون ؟! 
حبها للسمعة والظهور 
كانت هند كزوجها أبى سفيان – تحب الفخر ..
وإذا كانت لا تستطيع أن تفخر بقدرتها الفعلية على خوض الحروب كالرجال كما حدث لها مع الفارس المسلم أبى دجانة حينما رأى شبحاً ملثماً يخمش الرجال فحمل عليه ليقتله .. فولولت .. فعرف أنها امرأة فتركها إكراماً لسيف رسول الله أن يقتل به أنثى ، 
فإن هذا لا يمنعها أن تفاخر بعظم مصيبتها .. 
سمعت هند أن الخنساء التى طار صيتها وارتفع ذكرها بما قالت من الشعر فى أبيها وأخويها قد سومت هودجها فى الموسم وعاظمت العرب بمصيبتها بأبيها عمرو بن الشريد وبأخويها : صخر ومعاوية .
قالت هند : " أنا أعظم من الخنساء " !
وأمرت برفع راية على هودجها ، وشهدت الموسم بسوق عكاظ ، وقالت : 
" اقرنوا جملى بجمل الخنساء " !
فلما دنت قالت لها الخنساء : 
من أنت يا أُخَيَّه ؟
قالت : أنا هند بنت عتبة .. أعظم العرب مصيبة
قالت الخنساء : وبم تعاظمين العرب ؟
أجابت هند : بأبى عتبة بن ربيعة .. وعمى شيبة بن ربيعة وأخى الوليد 
قالت الخنساء : أو سواء هم عندك ثم أنشدت تقول : 
أبكى أبى عمرا بعين غزيرة 
قليل إذا نام الخَلِىُّ هجودها 
إلى أن قالت : 
فذلك يا هند الرزية فاعلمى 
ونيران حرب حين شبّ وقودها 
فقالت هند تجيبها : 
أبكى عميد الأبطحين كليهما 
وحاميهما من كل باغ يريدها 
أبى عتبة الخيرات ويحك فاعلمى 
وشيبة والحامى الذمار وليدها 
أرأيت هذا السعى للشهرة والفخر الذى يدفع هند للبحث عن امرأة مصابة لتنافسها فى مصيبتها فى سوق عكاظ 

حب الجاه والسيادة والسلطان : 
كانت هند تحب ذلك كله لنفسها ولزوجها ولأبنائها فهى التى تزعمت النساء يوم أحد لتحريض الرجال على القتال ..
وحين اعترض البعض على خروج النساء خوفاً من الفضيحة والعار لو وقعت الهزيمة .. صاحت هند قائلة : " إنك والله سلمت يوم بدر فرجعت إلى نسائك .
 نعم – نخرج فنشهد القتال .. ولا يردنا أحد كما ردت الفتيات فى سفرهم إلى بدر حين بلغوا الجحفة (ميقات أهل مصر الشام الآن) . 
فقتلت الأحبة يومئذ لأنه لم يكن معهم من يحرضهم .. أما حرصها على سيادة أبنائها .. فقد رؤى معها معاوية يوماً .. 
قيل لها : " إن عاش ابنك هذا ساد قومه " 
قالت هند : " ثكلته إن لم يَسُدْ إلا قومه " !! 
أرأيت أما كهذه تدعو بموت ابنها ..
إن اقتصرت سيادته على قومه فقط ؟! ..
أى طموح هذا وأى حب للجاه والسلطان ؟!
ولكنا نذكر ولا ننسى أنها قد اختارت وانتقت الزوج الذى ينجب لها مثل هذا الابن 
هند .. وزينب :
وجه آخر لهند يبدو منه الإشفاق والرحمة .. وتقديم العون .. 
وقامت هند بتعليل وتحليل مشاعرها تعليلاً صحيحاً 
أخرج ابن اسحق عن زينب بنت رسول الله قالت : 
" بينا أتجهز للهجرة للمدينة لقيتنى هند بنت عتبة 
فقالت : يا ابنة محمد ، ألم يبلغنى أنك تريدين اللحوق بأبيك ؟ .. 
فقلت : ما أردت ذلك ..
فقالت : أى ابنة عم لا تفعلى .. 
إن كان لك حاجة بمتاع مما يرفق بك فى سفرك ، أو بمال تبلغين به إلى أبيك فإن عندى حاجتك . فلا تَضْطَبِنى مِنِّى أى فلا تكتمينى شيئاً . 
فإنه لا يدخل بين النساء ما بين الرجال ..
قالت : زينب رضى الله عنها : 
والله ما أراها قالت ذلك إلا لتفعل .. 
ولكنى خفتها فأنكرت ..
وفيما بعد .. حين كان يزيد بن معاوية يضع سيفه على ثغر. 
رأس الحسين بن على كانت نساءه يصرخن داخل الدار مع اخت الحسين وآله : 
بل إن موقف هند هذا يكاد يشبه موقف أبى سفيان .. 
وقد كانا متقاربين فى الطباع والطموحات لا يختلفان إلا فيما يختلف فيه الرجل عن المرأة .
وذلك حينما خرج بزينب أخو زوجها " كنانة بن الربيع فى وضح النهار ليلحقها بالرسول فى المدينة .. فتعرض لها وروعها هبار بن الأسود بالرمح وهى فى هودجها . 
وغضب أخو زوجها " كنانة بن الربيع " ونثر كنانته مهدداً وجاء أبو سفيان فقال له : 
" إنك لم تصب ، خرجت بالمرأة على رءوس الناس علانية وقد عرفت مصيبتنا ونكبتنا .. 
ولعمرى ما لنا بحبسها عن أبيها من حاجة ، 
وما لنا فى ذلك من ثأر .. 
فارجع بها حتى إذا هدأت الأصوات .. 
وتحدث الناس أنا قد رددناها .. 
فخذها سرًّاً  … وألحقها بأبيها ..
هذا هو أبو سفيان لا يرى أن يثأر من بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ولكنه فقط يريد الحفاظ على مظهر القوة بردها حتى لا يفسر خروجها العلنى بضعف من قريش ..
ولنا أيضاً أن نقارن هذا الموقف السفيانى إلى من الموقف الهبارى بن الأسود الذى روع امرأة مهاجرة إلى أبيها حتى اسقطت حملها فيما قيل. 
ولنا كذلك أن نلحظ أن أبا سفيان لم يلم هبار على فعلته وكأنه يتبع سياسة ثابتة لديه عبر عنها حين أعلن عن مقتل حمزة والتمثيل به .. وذلك فى قوله : 
" والله ما رضيت ولا سخطت . ولا أمرت ولا نهيت " !
فى حين أن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ساءها أن يتعرض هؤلاء الرجال للنساء فعيرنهم بقولها : 
أفى السلم أعيار جفاء وغلظة 
وفى الحرب أشباه النساء العوارك 
أى شبهتهم بالحمير وقت السلم فى الجفاء والغلظة 
ومثل النساء الحيض فى الحرب : 
إسلام هند : 
لم تسلم إلا فى اليوم الثانى لفتح مكة بعد أن أسلم زوجها أبو سفيان يم الفتح .. وكان عباد الأصنام من المشركين يقولون 
" ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى"
39/3
فعمدوا إلى أصنام اتخذوها على صور الملائكة المقربين فى زعمهم فعبدوا تلك الصور وأنزلوها منزلة عبادتهم الملائكة ليشفعوا لهم عند الله تعالى فى نصرهم ورزقهم وما ينوبهم من أمور الدنيا . 
وأما المعاد فى الدار الآخرة فكانوا جاحدين له كافرين به .. 
ولضعف هذه العقيدة لم نسمع عن معلقة قيلت فى صنم ..
سواء كان "اللات" أو غيره ، ولم يستهبل شاعر فيكتب قصيدة يستعطف بها "هبل" ويسترضيه ، ولم تذهب هند ولا غيرها من المشركين إلى الحرب طمعاً فى جنة أو خوفاً من نار .. 
بل كانت تنشده والنسوة معها . 
" إن تقبلوا نعانق ونفرش النمارق (أى الوسائد) 
أو تدبروا نفارق فراق غير وامق 
فلم يكن الموت وما بعده فى الحسبان .. بل النشيد كل يدور حول الأغراء الجنسى ولا شئ غيره ..
ولذلك لم نسمع عن واحدة من المشركات قد صمدت  فى أحد أو غيرها حتى الموت كما صمدت أم عمارة ..
وكانت هند لا تختلف عن زوجها كثيراً أو قليلاً فى عدم الاقتناع بعبادة هذه الأصنام التى لم تطالبها بشئ ولم تعدها بشئ .. 
ولم تنهها عن شئ كذلك .. 
فكانت عبادة الأصنام فى حقيقتها ستاراً لعبادة الأهواء الشخصية أو القبلية .. 
وسبق أن ذكرت أن أبا سفيان لم يكذب الرسول فى صدق ما جاء به حينما قال لهند " لا والله ما هو بساحر ولا كذاب ".. وصمتت هند بما يعنى موافقتها الضمنية على رأى أبى سفيان وقد اعترف أبو سفيان للرسول عن لب الخلاف بينه وبينه سأله رسول الله : أقاتلتنى وأنت تعلم أنى رسول الله ؟ 
ولم ينكر أبو سفيان بل قال :
" علمت أنك صدوق لا تكذب ، وإنما قاتلناك لأنك تعلم حالى فى قريش، وجئت أمراً لا يبقى معه شرف ، فقاتلناك حمية ، وكراهة أن يذهب شرفى " …
وكانت هند على هذه الأفكار أيضاً لأنها اختارت أبا سفيان بمحض إرادتها ليكون شريكاً لحياتها .. بعد وصف أبيها له . 
ثورة هند : 
ثارت هند على زوجها يوم فتح مكة حينما سمعته يصيح فى الطرقات قائلاً : " يا معشر قريش .. لقد جاءكم محمد بما لا قبل لكم به ، فمن دخل بيت أبى سفيان فهو آمن 
فقد فوجئت هند بأن زوجها قد انهار وتخلى عن طموحه وطموحها .. وجاهه وجاهها .. وزعامته لقريش وزعامتها فقامت إليه فأخذت بشاربه وقالت : 
- اقتلوا الحميت الدسم الأحمس 
أى اقتلوا هذا الرجل الفاسد العظيم الشحم واللحم والذى لا خير فيه .. 
ما أقبحه من طليعة قوم ! 
قال أبو سفيان : ويلكم .. لا تغرنكم هذه من أنفسكم ..  
فإنه قد جاءكم بما لا قبل لكم به .. 
فمن دخل دار أبى سفيان فهو آمن 
هند : بل قل من دخل جحر أبى سفيان فهو آمن 
أبو سفيان : يا هذه .. ان دار أبى سفيان لم تزل مأمن كل قاصد وملجأ كل خائف ..  
فعاود النداء …من دخل دار أبى سفيان فهو آمن 
 قالو له :قاتلك الله .. 
وما تغنى عنا دارك ؟ 
هل تسع أهل مكة جميعاً ؟!
قال : ومن أغلق عليه بابه فهو آمن .. 
ومن دخل المسجد فهو آمن ..
فتفرق الناس إلى دورهم .. وإلى المسجد 
………
ولم تلبث هند بعد هذا إلا ليلة واحدة 
قالت بعدها لأبى سفيان : 
أريد أن أبايع محمداً …
قال : رأيتك تكذبين هذا الحديث أمس .. !
قالت : والله ما رأيت الله عبد حق عبادته فى هذا المسجد قبل الليلة ..!
.. والله ما باتوا به طوال الليل إلا مصلين .. 
قال : أنسيت أنك قد فعلت ما فعلت ؟! 
فاذهبى برجل من قومك معك .. 
فذهبت إلى عثمان بن عفان .. 
وقيل إلى أخيها أبى حذيفة بن عتبة فذهب معها .. 
لما فرغ الرسول صلى الله عليه وسلم من بيعة الرجال اجتمع إليه نساء قريش فيهن هند بنت عتبة .. 
متنقبة متنكرة لما كان من صنيعها فيما سبق 
هند الجريئة اللسنة : 
حتى فى ساعات الخوف لا تفوتها الجراءة .. ولا تعوزها سرعة البديهة وخفة الروح .. 
إنها تحب أن تكون دائماً ظاهرة متميزة على النساء 
وأن تترك وراءها ما يتحدث به عنها .. 
قال الرسول صلى الله عليه وسلم … وهو يبايع النساء : 
 تبايعننى على ألا تشركن بالله 
قالت هند دون نسيان ما تشعر به من زعامة : 
" والله إنك لتأخذ علينا أمراً .. 
ما تأخذه على الرجال ! 
ولكنا سنؤتيكه ! 
قال : ولا تسرقن 
قالت : .. وقد نسيت أنها متنقبة متنكرة ..
" والله إن كنت لأصيب من مال أبى سفيان الهنة والهنة .. (أى الشئ القليل .. ) 
وما أدرى أكان ذلك حلاً لى .. أم لا 
قال أبو سفيان وكان مشاهداً لما تقول . 
أما ما أصبت فيما مضى فأنت منه فى حلٍّ.. 
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " وإنك لهند بنت عتبة " 
وبدى السرور على وجه هند رغم النقاب وأن الرسول يخاطبها باسمها .. واسم أبيها ، قالت : أنا هند بنت عتبة 
فاعف عما سلف .. عفى الله عنك 
قال : ولا تزنين .. 
قالت : يا رسول الله .. وهل تزنى الحرة ..؟
قال : ولا تقتلن أولادكن ..
قالت : قد ربيناهم صغاراً .. وقتلتهم يوم بدر كباراً ..
فأنت وهم أعلم !
" وضحك عمر بن الخطاب من قولها حتى استغرب ()
قال : ولا تأتين ببهتان تفترينه بين أيديكن وأرجلكن 
قالت : والله .. إن إتيان البهتان لقبيح .. ولكن بعض التجاوز أمثل 
قال : ولا تعصيننى فى معروف 
قالت : ما جلسنا هذا المجلس ونحن نريد أن نعصيك فى معروف .. 
" وكان صلى الله عليه وسلم لا يصافح النساء .. ولا يمس امرأة ولا تمسه إلا امرأة أحلها الله له ، أو ذات محرم فكان يوضع بين يديه إناء فيه ماء ... فإذا أخذ عليهن وأعطينه غمس يده فى الإناء ثم أخرجها فغمس النساء أيديهن فيه.
قال الرسول بعدما أخذ عليهن وأعطينه : 
إذهبن فقد بايعتكن . 
……………
وخرجت هند بعد هذه البيعة وقد أعلنت عن نفسها زعيمة وقائدة ومدافعة عمن كن معها .. يتحدث الجميع بكلماتها .. 
لتنتقل عبر التاريخ .. 
…………
قالت هند لأبى سفيان وقد عادا آمنين إلى دارهما :-
 لقد نجونا من الموت بأعجوبة .. ! 
كنا ممن أهدرت دماهم ولو تعلقوا بأستار الكعبة إنى أتمثل الآن كل ما فعلناه بمحمد  .. 
أراه رأى العين .. 
لكنه  فعل بنا ما لم نكن نفعله به .. لو انتصرنا عليه 
ما أروع هذا الدين .. وما أكرم تعاليم الإسلام ؟!
أبو سفيان : نعم .. ولكنك عرفت هذا .. اليوم فقط 
هند : أتفاضلنى بساعات سبقتها فى الإسلام 
قال : ولم لا .. ألم تكن هذه الساعات سبباً فى نجاتنا معا 
قالت : هذا حق .. والحمد لله .. 
أبو سفيان  : كادت تتخلى عنك حكمة أبيك .. حين حرضت الناس على قتلى … وأخذت بشاربى .. وفعلت ذلك أمام الحاضرين .. وأمام الأجيال القادمة …
هند : لقد فاتنى ساعتها التفكر فى الأجيال القادمة !
أبو سفيان : ألم تفكرى : ماذا يقول الناس عن سيد قريش بعد مئات السنين حين يحلو لأحدهم أن يكتب عنا فيقرأ الناس أنك شددت شاربه غداة فتح مكة ؟! 
قالت : هند ضاحكة .. لا عليك يا أبا معاوية 
فلا أحد يدرى ماذا سيكون عليه رجال ذلك الزمان حين تسخط عليهم نساؤهم !
ومن أين .. وإلى أين .. وكيف يسحبون

0 التعليقات :

إرسال تعليق